أهل البيت ( عليهم السلام ) في تفسير ابن كثير {8}(*1)
للحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدّمشقي
المتوفّى (774هـ)
سورة البقرة
قولـه تعالى :
( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً... )(327)
قال ابن أبي حاتم : حدّثنا أبو سعيد الأشج أخبرنا يحيى بن يمان ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، عن ابن جُبير عن أبيه قال :
كان لعليٍّ أربعة دراهم : أنفق درهماً ليلاً ، ودرهماً نهاراً ، ودرهماً سرّاً ودرهماً علانيةً فنزلت :
( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ... ) .(328)
*- لكن رواه ابن مَرْدَوَيه من وجهٍ آخر عن ابن عبّاس أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب .(329)
سورة آل عمران
قولـه تعالى :
( ... قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) .(330)
قال الحافظ أبو يعلى : حدّثنا سهل بن زنجلة حدّثنا عبد الله بن صالح ، حدّثنا عبد الله بن لهيعة ، عن محمّد بن المنكدر عن جابر أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أقام أيّاماً لَم يطعم طعاما حتّى شقَّ ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه فلَم يجد عند واحدةٍ منهن شيئاً ، فأتى فاطمة فقال :
يا بنيّة ، هل عندكِ شيء آكله فإنّي جائع ؟ قالت : لا والله ـ بأبي أنت وأمي ـ فلمّا خَرَج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم فأخذته منها فوضعته في جفنةٍ لها وقالت : ( والله لأوثرن بهذا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) على نفسي ومن عندي ) ، وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسناً أو حسيناً إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فرجع إليها فقالت لـه : بأبي أنت وأمي قد أتى الله بشيء فخبّأته لك قال :
( هلمّي يا بنيّة ) قالت :
( فأتيته بالجفنة ، فكُشِفتُ عنها فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلمّا نظرتُ إليها بُهِتُّ وعرفتُ أنّها بركة من الله ، فحمدّت الله وصلّيت على نبيّه وقدّمته إلى رسول الله ، فلمّا رآه حَمِد الله وقال : من أين لكِ هذا يا بنيّة ؟ قالت : يا أبت ( هو من عند الله إنّ الله يرزقُ مَنْ يشاء بغير حساب ) فحَمِد الله وقال : ( الحمد الله الذي جعلكِ يا بنيّة شبيهة بسيّدة نساء بني إسرائيل ، فإنّها كانت إذا رزقها اللهُ شيئاً وسُئِلتْ عنه قالت : هو من عند الله إنّ الله يرزقُ مَنْ يشاء بغير حساب ، فبعث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إلى عليٍّ ثمّ أكل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وأكل عليٌّ وفاطمة ، وحسن وحسين ، وجميع أزواج النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) وأهل بيته حتّى شبعوا جميعاً ) قالت : ( وبقيت الجفنة كما هي ) ، قالت :
( فأوسعت بِبَقيّتها على جميع الجيران ، وجعل الله فيها بركةً وخيراً كثيراً ) .(331)
قولـه تعالى :
( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) .(332)
قال الترمذي : حدّثنا أبو بكر بن زنجويه ، حدّثنا عبد الرزّاق ، حدّثنا معمّر ، عن قتادة ، عن أنَس أنّ رسولَ الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال :
( حسبكَ من نِساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ، وآسية امرأة فرعون ) . تفرّد به الترمذي وصحّحه.(333)
وقال عبد الله بن أبي جعفر الرّازي ، عن أبيه قال : كان ثابت البناني يُحدّث عن أنَس : أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال : ( خيرُ نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله ) . رواه ابن مردويه .(334)
قولـه تعالى:
( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) .(335)
قال أبو بكر بن مردويه : حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا أحمد بن داود المكّي ، حدّثنا بشر بن مهران ، حدّثنا محمّد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر قال : قدم على النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) العاقب والطيّب فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أنْ يلاعناه الغداة قال : فغدا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فأخذ بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين ، ثم أرسل إليهما فأبَيَا أنْ يُجيبا وأقرّا له بالخراج قال : فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) :
( والذي بعثني بالحقّ لو قالا : لا ، لأمطر عليهم الوادي ناراً ) قال جابر : وفيهم نزلت ( تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ... ) .
قال جابر : ( وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وعليّ بن أبي طالب ، ( أبناءنا ) الحسن والحسين ، ( وَنِسَاءَنَا ) فاطمة ، وهكذا رواه الحاكم في مستدركه عن عليّ بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد الأزهري ، عن عليّ بن حجَر ، عن عليّ بن مسهر عن داود بن أبي هند بمعناه . ثمّ قال : صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه .(336)
سورة النساء
قولـه تعالى :
( ...وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ ... ).(337)
عن ابن مسعود : إنّ رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد ، فكانت تُصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم ، فيُريدون الماء ولا يجدون ممّراً إلاّ في المسجد ، فأنزل الله ( وَلا جُنُبًا إِلاّ عَابِرِي سَبِيلٍ...) .
وقال : فأمّا ما رواه أبو عيسى الترمذي من حديث سالم بن أبي حفصة ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( يا عليّ ، لا يحلُّ لأحدٍ يجنبُ في هذا المسجد غيري ، وغيرك ) .
قال ابن كثير : فإنّه حديثٌ ضعيف .(338)
سورة المائدة
قولـه تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ... )(339)
عن زيد بن إسماعيل الصائغ البغدادي ، حدّثنا معاوية يعني ابن هشام ، عن عيسى بن راشد ، عن عليٍّ بن بذيمة ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال :
( ما في القرآن آية ( يا أيّها الذين آمنوا ) إلاّ أنّ عليّاً سيّدها وشريفها وأميرها ، وما من أصحاب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) أحدٌ إلاّ قد عُوتِب بالقرآن ، إلاّ عليّ بن أبي طالب ، فإنّه لم يُعاتب في شيءٍ منه ) .(340)
قولـه تعالى :
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً ) .(341)
قيل: إنّها نزلتْ على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في مسيره إلى حجّة الوداع ، ثمّ رواه مِن طريق أبي جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أنَس ، وقد روى ابن مردويه من طريق أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري : أنّها نزلت على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يوم غدير خم حين قال لعليٍّ : ( مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ) .
ثمّ رواه عن أبي هُريرة ، وفيه أنّه اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، يعني مرجعه ( عليه السلام ) من حجّة الوداع .(342)
قولـه تعالى :
( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .(343)
* حدّثنا أبو سعيد الأشج ، حدّثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول ، حدّثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سَلَمة بن كهيل قال : تصدّق عليٌّ بخاتمه وهو راكع ، فنزلت ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ... ) .
* وقال ابن جرير : حدّثني الحارث حدّثنا عبد العزيز ، حدّثنا غالب بن عبيد الله : سمعتُ مجاهداً يقول في قولـه :
( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ...) ، الآية نزلت في عليِّ بن أبي طالب تصدّق وهو راكع ، وقال عبد الرزاق : حدّثنا عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه عن ابن عبّاس في قولـه : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ) الآية نزلت في عليِّ بن أبي طالب .
* وروى ابن مردويه من طريق سفيان الثوري ، عن أبي سنان عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس قال : كان عليُّ بن أبي طالب قائماً يُصلّي ، فمرَّ سائلٌ وهو راكع فأعطاه خاتمه فنزلت : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ...) .
* عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : خرجَ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إلى المسجد والناس يُصلّون بين راكعٍ وساجد وقائمٍ وقاعد ، وإذا مسكين يسأل فدخل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فقال : ( أعطاك أحدٌ شيئاً ؟ ) .
قال : نعم . قال : مَنْ ؟ قال : ذلك الرجل القائم .
قال : على أي حالٍ أعطاكه ؟ قال : وهو راكع قال : ( وذلك عليّ بن أبي طالب ) . قال : فكبَّر رسول الله (صلّى الله عليه وآله ) عند ذلك وهو يقول :
( وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )
وقال ابن كثير : وهذا إسنادٌ لا يُقدح به..(344)
سورة الأنعام
قولـه تعالى :
( ...وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ ) .(345)
قال ابن أبي حاتم : حدّثنا بن يحيى العسكري ، حدّثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدّثنا عليّ بن عابس ، عن عبد الله بن عطاء المكّي ، عن أبي حرب بن أبي الأسود قال : أرسل الحجّاج إلى يحيى بن يعمر فقال :
بلغني أنّكَ تزعم أنّ الحسن والحسين من ذرّيّةِ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، تجده في كتاب الله ـ وقد قرأتُه مِن أوّله إلى آخره ـ فلم أجده ؟
قال أليس تقرأ سورة الأنعام : ( ومن ذرّيّته داود وسُليمان ) حتّى بلغ ( ...ويحيى وعيسى ) قال : بلى .
قال : أليس عيسى من ذرّيّة إبراهيم وليس لـه أب ؟ قالَ : صدقتَ .(346)
وقال آخرون : ويدخل بنو البنات فيهم أيضاً ؛ لما ثبتَ في صحيح البخاري : إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال للحسن بن عليّ :
( إنّ ابني هذا سيّد... ) .(347)
سورة الأنفال
قولـه تعالى :
( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ... )(348)
عن ابن عبّاس قال : تشاورت قريش ليلةً بمكّة فقال بعضهم : إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق ، يُريدون النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، وقال بعضهم : بل اقتلوه ، وقال بعضهم : بل أخرجوه ، فأطلع اللهُ نبيّه ( صلّى الله عليه وآله ) على ذلك فبات عليٌّ ( رضي الله عنه ) على فراش رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وخرج النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) حتّى لحق بالغار ، وبات المشركون يحرسون عليّاً يحسبونه النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، فلمّا أصبحوا ثاروا إليه ، فلمّا رأوا عليّاً ردَّ اللهُ مكرهم .(349)
سورة التوبة
قولـه تعالى :
( وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ... ) .(350)
* وقال الإمام أحمد : حدّثنا عفّان ، حدّثنا حمّاد عن سمّاك ، عن أنَس بن مالك رضي الله عنه ، أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بعثه ببراءة مع أبي بكر ، فلمّا بلغ ذا الحليفة قال : ( لا يبلّغها إلا أنا ، أو رجل من أهل بيتي ) فبعث بها مع عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ، ورواه الترمذي في التفسير.(351)
* قال عبد الله بن أحمد بن حنبل :
حدّثنا محمّد بن سليمان ـ لوين ـ حدّثنا محمّد بن جابر عن سمّاك ، عن حنش ، عن عليّ ( رضي الله عنه ) قال : ( لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) دعا النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) أبا بكر ، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكّة ثمّ دعاني فقال : ( أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه ، فاذهب إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم ) ، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله ، نزل فيّ شيء ) ؟
فقال : ( لا ، ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدّي عنك إلاّ أنتَ ، أو رجلٌ منكَ ) .
عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيغ قال : نزلت براءة فبعثَ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أبا بكر ، ثمّ أرسل عليّاً فأخذها فلمّا رجع أبو بكر قال : نزلَ فيَّ شيءٌ ؟ قال : ( لا ، ولكن أُمِرت أنْ اُبلّغها أنا ، أو رجلٌ من أهل بيتي ) . فانطلقا إلى أهل مكّة فقام فيهم بأربع : لا يدخل مكّة مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنّة إلاّ نفسٌ مسلمة ، ومَن كان بينه وبين رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) عهدٌ فعهده إلى مدّته .(352)
قولـه تعالى :
( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ... )(353)
وقال عبد الرزّاق : أخبرنا ابن عيينة ، عن إسماعيل عن الشعبي قال : نزلَتْ في عليّ والعبّاس ( رضي الله عنهما ) .
وقال ابن جرير : افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار ، وعبّاس بن عبد المطّلب ، وعليّ بن أبي طالب ، فقال طلحة أنا صاحب البيت معي مفتاحه ولو أشاء بتُّ فيه ، وقال العبّاس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ولو أشاء بتُّ في المسجد ، فقال عليٌّ ( رضي الله عنه ) : ما أدري ما تقولان !
لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله عزّ وجلّ : ( أجعلتم سقاية الحاج... ) .
وهكذا رواه السدّي.(354)
سورة هود
قولـه تعالى :
( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أهل الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )(355)
قال : ثبتَ في الصحيحنَ أنّهم قالوا : قد علِمنا السلام عليكَ فكيف الصلاة عليكَ يا رسول الله ؟
قال :
( قولوا : اللّهُمّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ كما صلّيتَ على إبراهيم وآلِ إبراهيم ، وبارك على محمّدٍ وعلى آل محمّد كما باركتَ على آل إبراهيم ، إنّكَ حميدٌ مجيد ) .(356)
سورة إبراهيم
قولـه تعالى :
( إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) .(357)
قال ابن أبي حاتم ، حدّثنا أبي ، حدّثنا ابن نُفيل قال : قرأتُ على معقِل عن ابن أبي حسين قال :
قام عليُّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) فقال : ألا أحد يسألني عن القرآن ، فوالله لو أعلم اليوم أحداً أعلم به منّي وإنْ كان مِن وراء البحار لأتيته ، فقام عبد الله بن الكوّاء فقال : مَن الذين بدلّوا نعمة الله كُفراً وأَحلّوا قومهم دار البوار ؟
قال: ( مشركو قُريش ، أتتهم نِعمةَ الله ـ الإيمان ـ فبدلّوا نِعمةَ الله كُفراً وأحلّوا قومهم دار البوار ) .(358)
سورة النحل
قولـه تعالى :
( فَاسْأَلوا أهل الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(359)
* قول أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) : ( نحن أهل الذكر ) .(360)
وقال ابن كثير :
وعُلماء أهل بيت رسول الله ( عليهم السلام والرحمة ) مِن خير العُلماء ؛ إذ كانوا على السُنّة المستقيمة كعليٍّ ، وابن عبّاس ، وابني عليّ الحسن والحسين ، ومحمّد بن الحنفيّة ، وعليّ بن الحسين زين العابدين ، وعليّ بن عبد الله بن عبّاس ، وأبي جعفر الباقر وهو محمّد بن عليّ بن الحسين ، وجعفر ابنه وأمثالهم وأضرابهم وأشكالهم ممّن هو متمسّك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم....(361)
سورة الإسراء
قولـه تعالى :
( وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ... )(362)
قال الحافظ أبو بكر البزّاز ، حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، حدّثنا أبو يحيى التميمي ، حدّثنا فُضيل بن مرزوق ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد قال :
لمّا نزلت : ( وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ .. )
دعاء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فاطمة فأعطاها فدك .(363)
وقال ابن كثير : والأشبه أنّه مَن وَضْعِ الرافضة والله أعلم .(364)
سورة المؤمنون
قولـه تعالى :
( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ... ) .(365)
قال الإمام أحمد : حدّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدّثنا عبد الله بن جعفر ، حدّثتنا أُمّ بكر بنت المسوّر بن مخرمة ، عن عبد الله بن أبي رافع ، عن المسوّر قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( فاطمة بضعةٌ منّي ، يغيظني ما يغيظها ، وينشطني ما ينشطها ، وإنّ الأنساب تنقطع يوم القيامة ، إلاّ نسبي وسببي وصهري ) .
وهذا الحديث له أصل في الصحيحين عن المسوّر بن مخرمة أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال :
( فاطمة بضعة منّي ، يريبني ما يريبها ، ويؤذيني ما آذاها ) .(366)
سورة الشعراء
قولـه تعالى :
( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )(367)
عن ابن عبّاس ، عن عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) قال :
( لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله )( وأنذر عشيرتك الأقربين... )
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( عرفت أنّي إنْ بادرتُ بها قومي رأيتُ منهم ما أكره ، فصمت ، فجاءني جبريل ( عليه السلام ) فقال : يا محمّد ، إنّك إنْ لم تفعل ما أُمِرْتَ به عذبّكَ ربُّك : فاصنع لنا يا عليّ شاةً على صاعٍ مِن طعام وأعدَّ لنا عِسّ لبن ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب ، ففعلت فاجتمعوا إليه وهُم يومئذٍ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلا فيهم أعمامه : أبو طالب وحمزة ، والعبّاس، وأبو لهب الكافر الخبيث ، فقدّمتُ إليهم تلك الجفنة فأخذ منها رسول الله (صلّى الله عليه وآله ) جذبة فشقها بأسنانه ثمّ رمى بها في نواحيها وقال :
كلوا بسم الله فأكل القوم حتّى نهلوا عنه ما يرى إلاّ آثار أصابعهم ، والله إنْ كان الرجل منهم ليأكل مثلها ، ثمّ قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : اسقهم يا عليّ ، فجئتُ بذلك القعب فشربوا منه حتّى نهلوا جميعا وأيمُ الله إنْ كان الرجل منهم ليشرب مثله ، فلمّا أراد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنْ يكلمهم بدَره أبو لهب إلى الكلام فقال : لهذا سحركم صاحبكم ، فتفرّقوا ولم يكلّمهم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) .
فلمّا كان من الغد قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : يا عليّ ، عدّ لنا بمثل الذي كنتَ صنعت بالأمس مِن الطعام والشراب... ففعلتُ ثمّ جمعتهم له... فلمّا أراد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنْ يكلّمهم بدره أبو لهب بالكلام فقال : لهذا سحركم صاحبكم ، فتفرّقوا ولم يكلّمهم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) .
فلمّا كان من الغد قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : يا عليّ ، عدّ لنا بمثل الذي كنتَ صنعت لنا بالأمس مِن الطعام والشراب... ففعلتُ ثمّ جمعتهم له فصنعَ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) كما صنع بالأمس فأكلوا حتّى نهلوا ، ثمّ سقيتهم من ذلك القعب حتّى نهلوا عنه وأيمُ الله إنْ كان الرجل منهم ليأكل مثلها ويشرب مثلها ، ثمّ قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( يا بني عبد المطّلب ، إنّي والله ما أعلم شابّاً مِن العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به إنّي قد جئتكم بخير الدّنيا والآخرة : وقد أمرني الله أنْ أدعوكم إليه فأيّكم يؤازرني علىّ هذا الأمر على أنْ يكون أخي وكذا وكذا ) ؟
قال : ( فأحجم القوم عنها جميعاً وقلتُ ـ وإنّي لأحدثهم سنّاً وأرمصهم عيناً ، وأعظمهم بطناً وأخمشهم ساقاً : أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثمّ قال : ( إنّ هذا أخي وكذا وكذا فاسمعوا له وأطيعوا ) ، ثمّ قام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمَرك أنْ تسمعَ لابنك وتطيع .(368)
سورة الأحزاب
قولـه تعالى :
( فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ )(369)
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) لعليٍّ : ( أنتَ منّي وأنا منكَ ) .(370)
قولـه تعالى :
( وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا ) .(371)
قال : استخلفَ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) على المدينة ابن أُمَّ مكتوم ، وأعطى الرايةَ لعليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) .(372)
قولـه تعالى :
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )(373)
* عن أنَس بن مالك قال : إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) كان يمرُّ بباب فاطمة ( رضي الله عنها ) ستّة أشهر إذا خرجَ إلى صلاة الفجر يقول : ( الصلاة يا أهل البيت ، ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )) .
ورواه الترمذي عن عبد بن حميد ، عن عفّان وقال : حسن غريب .(374)
* قال ابن جرير : حدّثنا وكيع ، عن أبي إسحاق ، أخبرني أبو داود عن أبي الحمراء قال : رابطتُ المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال : رأيتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إذا طلع الفجر جاء إلى باب عليٍّ وفاطمة ( رضي الله عنهما ) فقال :
( الصلاة الصلاة ، ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )) .(375)
* الأوزاعي : حدّثنا شدّاد أبو عمّار قال : دخلت على وائلة بن الأسقع وعنده قومٌ فذكروا عليّاً ( رضي الله عنه ) فشتموه فشتمتُه معهم فلمّا قاموا قال لي : شتمتَ هذا الرجل ؟ قلت : قد شتموه فشتمتُه معهم ، فقال : ألا أخبركم بما رأيتُ من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟ قلت : بلى قال : أتيتُ فاطمة ( رضي الله عنها ) أسألها عن عليٍّ ( رضي الله عنه ) فقالت : توجه إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فجلستُ أنتظره حتّى جاء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ومعه عليٌّ وحسن وحسين ( رضي الله عنهم ) آخذ كلَّ واحدٍ منهما بيدِه حتّى دخل فأدنى عليّاً وفاطمة ( رضي الله عنهما ) وأجلسهما بين يديه ، وأجلس حسناً وحسيناً ( رضي الله عنهما ) كلّ واحدٍ منهما على فخذه ، ثمّ لفَّ عليهم ثوبه أو قال كساءه ثمّ تلا ( صلّى الله عليه وآله ) هذه الآية : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) وقال :
( اللّهُمّ هؤلاء أهل بيتي ، وأهل بيتي أحقّ ) .(376)
قال الإمام أحمد ، عن أُمّ سلمة ( رضي الله عنها ) تذكر أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) كان في بيتها فأتته فاطمة ( رضي الله عنها ) ببرمةٍ فيها خزيرة فدخلت عليه بها فقال ( صلّى الله عليه وآله ) لها : ( ادعي زوجكِ وابنيكِ ) .
قالت : ( فجاء عليٌّ وحسن وحسين ( رضي الله عنهم ) فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة ، وهو يُملي عليَّ منامة له وكان تحته ( صلّى الله عليه وآله ) كساء خيبري قالت : وأنا في الحجرة أُصلّي ، فأنزل الله عزّ وجل هذه الآية : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .
قالت ( رضي الله عنها ) : فأخذَ ( صلّى الله عليه وآله ) فضل الكساء فغطّاهم به ، ثمّ أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثمّ قال : ( اللّهُمّ هؤلاء أهل بيتي ، وخاصّتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ) .
قالت : فأدخلتُ رأسي البيت ، فقلتُ : وأنا معكم يا رسول الله ؟ فقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( إنّكِ إلى خير ، إنّك إلى خير ) .(377)
قال ابن جرير ، عن الأعمش ، عن حكيم بن سعد قال : ذكرنا عليَّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) عند أُمِّ سلَمة ( رضي الله عنها ) فقالت : في بيتي نزلت : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) قالت أمُّ سلمة :
جاء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : إلى بيتي فقال : ( لا تأذني لأحدٍ ) ، فجاءت فاطمة ( رضي الله عنها ) فلم أستطع أنْ أحجبها عن أبيها ، ثمَّ جاء الحسن ( رضي الله عنه ) فلَم أستطع أنْ أمنعه أنْ يدخل على جدّه وأمّه ، وجاء الحسين فلم أستطع أنْ أحجبه عن جدّه ( صلّى الله عليه وآله ) وأمّه ، ثمّ جاء عليُّ ( رضي الله عنه ) فلم أستطع أنْ أحجبه فاجتمعوا فجلّلهم رسولُ الله ( صلّى الله عليه وآله ) بكساءٍ كان عليه ثمّ قال :
( هؤلاء هُم أهلُ بيتي ، فأذهب عنهم الرجسَ وطهّرهم تطهيراً ) فنزلتْ هذه الآية حين اجتمعوا على البساط ، قالت : فقلتُ : يا رسول الله وأنا ؟ قالت : فواللهِ ما أنعمَ وقال : ( إنّكِ إلى خير )(378)
* قال ابن جرير : حدّثنا أبو كريب ، عن عبد الله بن وهب بن زمعة قال : أخبرتني أمُّ سلمة ( رضي الله عنها ) قالت : إنّ رسول الله جمع عليّاً ، وفاطمة ، والحسن والحسين ( رضي الله عنهم ) ثمّ أدخلهم تحت ثوبه ، ثمّ جأر إلى الله عزّ وجلّ ثمّ قال :
( هؤلاء هم أهل بيتي ) قالت أُمّ سلمة ( رضي الله عنها ) : يا رسول الله أدخلني معهم قال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( أنت من أهلي ) .(379)
* عن أُمّ سلمة قالت : بينما رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : في بيتي يوما إذ قالتُ الخادم : إنّ فاطمة وعليّاً ( رضي الله عنهما ) بالسدّة قالت : فقال لي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( قومي فتنحّي عن أهل بيتي ) ، قالت : فقمتُ فتنحّيتُ في البيت قريباً ، فدخل عليٌّ وفاطمة ومعهما الحسن والحسين ( رضي الله عنهم ) وهما صبيّان صغيران ، فأخذ الصبيّين فوضعهما في حِجره ، فقبّلهما واعتنق عليّاً ( رضي الله عنه ) بإحدى يَدَيه و فاطمة ( رضي الله عنها ) باليد الأُخرى وقبّل فاطمة ، وقبّل عليّاً : وأغدق عليهم خميصة سوداء وقال : ( اللهمّ إليك لا إلى النار ، أنا وأهل بيتي ) .(380)
* عن ابن أبي حاتم ، عن العوّام بن حوشب عن عمٍّ له قال : دخلتُ مع أبي على عائشة ( رضي الله عنها ) فسألتُها عن عليّ ( رضي الله عنه ) فقالت :
تسألني عن رجلٍ كان مِن أحبِّ الناس إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وكانت تحته ابنته وأحبّ الناس إليه ؟
لقد رأيت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) دعا عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً ( رضي الله عنهم ) فألقى عليهم ثوباً فقال :
( اللّهُمّ هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ) . قالت : فدنوتُ منهم ، فقلتُ : يا رسول الله ، وأنا مِن أهل بيتكَ ؟
فقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( تنحّي فإنّكِ على خير ) .(381)
* قال ابن جرير , عن عطيّة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) :
( نزلت هذهِ الآية في خمسة : فيَّ ، وفي عليٍّ ، وحسن وحسين ، وفاطمة ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )).(382)
* حدّثنا بكير بن مسمار قال : سمعتُ عامر بن سعد قال : قال سعد : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حين نزل عليه الوحي فأخذَ عليّاً وابنَيه ، وفاطمة ( رضي الله عنهم ) فأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال :
( ربِّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي ) .(383)
سورة الأحزاب
قولـه تعالى :
( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .(384)
* قال البخاري عند تفسير هذه الآية : عن كعب بن عَجْرة قال : قيل يا رسول الله ، أمّا السلام عليكَ فقد عرفناه ، فكيف الصلاة ؟
قال قولوا : ( اللّهُم صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّد ، كما صلّيتَ على آل إبراهيم ، إنّك حميدٌ مجيد ، اللّهُمّ بارك على محمّدٍ وعلى آل محمّد ، كما باركتَ على آل إبراهيم ، إنّك حميدٌ مجيد ) . (385)
* قال الإمام أحمد ، عن الحكم قال : سمِعتُ ابن أبي ليلى قال : لقيَني كعب بن عَجْرة فقال : ألا أهدي هديّة ؟
خرج علينا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فقلنا : يا رسول الله ، قد علِمنا أو عرفنا كيف السلام عليكَ فكيف الصلاة ؟ فقال قولوا :
( اللّهُمّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّد كما صلّيتَ على آل إبراهيم ، إنّكَ حميدٌ مجيد ، اللّهُمّ بارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركتَ على آل إبراهيم ، إنّكَ حميدٌ مجيد ) .(386)
* قال البخاري ، حدّثنا عبد الله بن يُونس ، عن أبي سعيد الخدري قال :
قلنا : يا رسول الله ، هذا السلام فكيف نُصلي عليك ؟
قال : ( قولوا اللّهُمّ صلِّ على محمّدٍ عَبدِك ورسولك كما صلّيت على آل إبراهيم ، وبارك على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ كما باركت على آل إبراهيم ، إنّكَ حميدٌ مجيد ) .(387)
* عبد الرحمان بن أبي ليلى ، عن كعب بن عَجْرة قال لمّا نزلت : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) ، قال : قلنا يا رسول الله ، قد علمنا السلامُ عليكَ فكيف الصلاة عليكَ ؟
قال : ( قولوا اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ كما صلّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنّك حميدٌ مجيد ، وبارك على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنّك حميدٌ مجيد ) .(388)
* عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ونحن في مجلس سعد بن عُبادة فقال لـه بشير بن سعد : أمَرَنا الله أنْ نُصلّي عليكَ يا رسول الله ، فكيف نُصلي عليكَ ؟
قال : فسكتَ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حتّى تمنّينا أنّه لم يسأله ، ثمّ قال رسول الله : ( قولوا اللّهمّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ ، كما صلّيتَ على آل إبراهيم ، وبارك على محمّدٍ وعلى آل محمّد ، كما باركتَ على آل إبراهيم في العالمين ، إنّكَ حميدٌ مجيد ) .
وقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير من حديث مالك وقال الترمذي : حسنٌ صحيح .(389)
سورة يس
قولـه تعالى :
( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ )(390)
روى الحافظ أبو القاسم الطبَراني : حدّثنا الحسين بن إسحاق التستري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) قال :
( السبقُ ثلاثة : فالسابق إلى موسى ( عليه الصلاة والسلام ) يوشع بن نون ، والسابق إلى عيسى (عليه الصلاة والسلام ) صاحب يس ، والسابق إلى محمّدٍ ( صلّى الله عليه وآله ) عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه )) .
فإنّه حديثٌ مُنكر ، لا يُعرف إلاّ مِن طريق حسين الأشقر ، وهو شيعيٌ متروك ! .(391)
سورة الصافّات
قولـه تعالى :
( سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ )(392)
عن ابن مسعود : يعني آل محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) .(393)
سورة الشورى
قولـه تعالى :
( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )(394)
* قال السدّي عن أبي الديلم قال : لمّا جيء بعليِّ بن الحسين ( رضي الله عنه ) أسيراً فأُقيم على درَج دمشق ، قام رجلٌ من أهل الشام ، فقال الحمدُ لله الذي قتلكم ، واستأصلكم وقطع قَرْن الفتنة .
فقال له عليّ بن الحسين ( رضي الله عنه ) : ( أقرأت القرآن ) ؟
قال : نعم قال : ( أقرأت : آل حم ) ؟
قال : قرأتُ القرآن ولم أقرأ آل حم قال : ( ما قرأتُ ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )) .
قال : وإنّكم لأنتم هُم ؟ قال : ( نعم ) .(395)
* وقال ابن أبي حاتم : حدّثنا عليّ بن الحسين ، حدّثنا رجلٌ سمّاه ، حدّثنا حسين الأشقر عن قيس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عبّاس ( رضي الله عنه ) قال : لمّا نزلت هذه الآية : ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) قالوا : يا رسول الله ، مَنْ هؤلاءِ الذين أمَرَ الله بمودّتهم ؟ قال : ( فاطمة ووِلْدها ( رضي الله عنهم )) .(396)
* عن زيد بن أرْقَم قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( إنّي تاركٌ فيكم ما إنْ تمسّكتم به لنْ تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض ، والآخر عِترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ) .(397)
* عن جابر بن عبد الله ( رضي الله عنهما ) قال : ( رأيتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في حجّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول : ( يا أيّها الناس ، إنّي تركتُ فيكم ما إنْ أخذتم به لنْ تضلّوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) .(398)
* عن أبي ذر الغفاري ( رضي الله عنه ) وهو آخذٌ بحلقة الباب يقول : يا أيّها الناس ، مَن عرفني فقد عرفني ، ومَنْ أنكرني أنا أبو ذرّ ، سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يقول : ( إنّما مَثَلُ أهل بيتي فيكم كمَثَل سفينةِ نوح ( عليه الصلاة والسلام ) مَنْ دخلها نجا ) .(399)
سورة الدخان
قولـه تعالى:
( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) .(400)
قال ابن أبي حاتم ، حدّثنا عليّ بن الحسين ، حدّثنا عبد السلام بن عاصم ، حدّثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدّثنا المستورد بن سابق ، عن عبيد المكتب عن إبراهيم قال : ما بكت السماءُ مُنذ كانت الدّنيا إلاّ على اثنين ، قلت : كيف ؟ قال : تحمرّ وتصير وردةٌ كالدهان ، إنّ يحيى بن زكريّا ( عليه الصلاة والسلام ) لمّا قُتِل اُحمَرّت السماء وقطرت دماً ، وإنّ الحسين بن عليّ ( رضي الله عنهما ) لمّا قُتِل احمّرت السماء .(401)
حدّثنا جرير ، عن يزيد بن أبي زياد قال : لمّا قُتِل الحسين بن عليّ ( رضي الله عنها ) احمرّتْ آفاق السماء أربعة أشهر قال يزيد : واحمرارها بكاؤها .(402)
* وذكروا في مقتل الحسين ( رضي الله عنه ) أنّه ما قُلِبَ حجرٌ يومئذٍ إلاّ وجِد تحته دمٌ عبيط ، وأنّه كُسِفتْ الشمس ، واحمرّ الأُفق ، وسقطتْ حجارةٌ من ذلك .(403)
سورة الأحقاف
قولـه تعالى :
( يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ... ) .(404)
عن ابن مسعود قال : كنتُ مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ليلة وفد الجن فتنفّس ، فقلت ما لك يا رسول الله ؟
قال : ( نُعِيَت إليَّ نفسي يا ابن مسعود ) ، قلتُ : استخلف ، قال : ( مَنْ ) ؟
قُلت : أبا بكر قال : فسَكَتَ ، ثمّ مضى ساعة فتنفّس ، فقلت : ما شأنَك بأبي أنتَ وأُمّي يا رسول الله ؟ قال : ( نُعِيَت إليَّ نفسي يا ابن مسعود ) قُلت : استخلف قال : ( مَنْ ) ؟
قلتُ : عُمَر ، فسكت ساعة ، ثمّ مضى ثمّ تنفّس فقلتُ ؟ ما شأنك ؟ قال : ( نُعيت إليَّ نفسي ) قلتُ : فاستخلف قال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( مَنْ ) ؟
قلتُ : عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) قال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( أما والذي نفسي بيده ، لئن أطاعوه ، ليدخلنّ الجنّة أجمعين أكتعين ) .(405)
سورة المجادلة
قولـه تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً... ) .(406)
* قد قيل : إنّه لم يُعمل بهذه الآية قبل نسخها سِوى عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) .(407)
* قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : نهوا عن مناجاة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) حتّى يتصدّقوا ، فلم يناجيه إلاّ عليّ بن أبي طالب ، قدّم ديناراً صدقة تصدّق به ، ثمّ ناجى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) فسأله عن عَشْر خِصال ثمّ نزلت الرخصة .(408)
* عن مجاهد قال عليُّ ( رضي الله عنه ) : ( آيةٌ في كتاب الله عزّ وجلّ ، لم يَعمل بها أحدٌ قبلي ، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي ، كان عندي دينارٌ فصرّفته بعشرة دراهم ، فكنتُ إذا ناجيتُ رسول الله تصدّقتُ بدرهم ، فنُسِخت ولم يَعمل بها أحدٌ قبلي ولا يعمل بها أحدٌ بعدي ، ثمّ تلا هذه الآية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ) .(409)
سورة التحريم
قولـه تعالى :
( فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ... ) .(410)
* قال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ... ) قال :
عليُّ بن أبي طالب .(411)
* قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في قولـه تعالى : ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ... ) : هو عليّ بن أبي طالب .(412)
___________________
1- طُبع في بيروت دار القلم بتصحيح الشيخ خليل الميس مدير أزهر لبنان .
أهل البيت ( عليهم السلام ) في تفسير ابن كثير {8}
- الزيارات: 7314